+----
-في زمن تنظيم البث وداعاً للسياسة، أهلاً بالترفيهمحمد عبد الرحمنمذيعة «الحياة» لبنى عسل
هل
يأتي يوم قريب لا تعود الشاشات العربية تصدّر فيه إلا الفن والرقص
والرياضة؟... هذا على الأقل ما نلاحظه في القاهرة، بعد صدور «وثيقة تنظيم
البث»! كأن البرامج الحواريّة باتت تخشى اللعب بنار السياسة... ويلكم من
انتقال العدوى إلى الفضاء العربيهل تصبح برامج الترفيه والفن
والمنوعات والرياضة... ميدان السبق الوحيد للفضائيات العربية الخاصة، في
المستقبل القريب؟ سؤال يتردد بقوة، وخصوصاً في الأوساط المصرية، بعدما
بدأت وثيقة تنظيم البث «تؤتي ثمارها» على أكثر من صعيد. فالمحطات المصرية
الخاصة تضع اليوم كل الاحتمالات على الطاولة، حتى لا يصيبها ما أصاب قنوات
«البركة» و«الحكمة» و«الحوار»... صحيح أن لا قرارات رسمية صدرت أخيراً
بشأن برامج هذه المحطات السياسية أو الاجتماعية. لكن جولة على معظم ما
تقدمه هذه الشاشات اليوم، تؤكد أنها اختارات التفوق في أي شيء يبتعد عن
نار السياسة.
والبداية من قناة «الحياة» التي تواصل بثها التجريبي،
بعدما تأخرت انطلاقتها أسابيع عدة، في انتظار صدور الوثيقة. برامج
«الحياة» التي تملكها مجموعة من رجال الأعمال، والتي يُعلن عنها كل نصف
ساعة، تؤكد أنها تنوي الابتعاد عن الخطوط الحمراء، لتضمن استمراريتها.
أين
الجديد إذاً في ما تقدمه «الحياة»؟ لعل الإجابة تحتاج إلى مزيد من الوقت
حتى لا يصدر الحكم باكراً. لكن الاستنساخ، على ما يبدو، هو سيد الموقف،
وخصوصاً أن دائرة المنافسة باتت محصورة في هذه النوعية من البرامج فقط.
في
برنامج «ريهام على النار» مثلاً، تستضيف ريهام عبد الغفور فنانين و«شيف»
يتحدثون في الأكل والفن. البرنامج بالطبع لا يحمل أي جديد في الفكرة، في
ما يبقى التميز مرهوناً بأسماء الضيوف، يتكررون بنسبة لا تقل على 50 في
المئة في برامج أخرى. بينها: «اليخت» الذي تعود من خلاله سالي شاهين إلى
التلفزيون وتحاور مجموعة من النجوم. ويستمر تكرار الفنانين في «الحياة
حلوة» مع المغنية رولا سعد، علماً بأن هذه الأخيرة تحلّ قريباً ضيفة على
«اليخت» و«ريهام على النار». وظل التميّز في البرامج الفنية محصوراً في
«أول مرة»، لكون مقدمه يسري الفخراني على علاقة وثيقة بالنجوم الذين
يحاورهم، مثل يسرا وأحمد السقا.
في المقابل، استعانت القناة بوجوه
إعلامية معروفة مثل الشيخ خالد الجندي الذي يقدم برنامج «رقائق»، وبرنامج
«كلام كبير» لهبة قطب، أستاذة الطب الجنسي، وأحمد شوبير وبرنامج «الكورة
مع شوبير». ويتردد أن هذا الأخير مشارك في رأس مال القناة.
وبينما شملت
إعلانات القناة صوراً لحافظ الميرازي ومحمود سعد، لم تظهر برامجهما حتى
الآن. علما بأن سعد حلّ ضيفاً على المذيعة دعاء عامر التي سجلت حلقة خاصة
عن حملة «حماية» التي قادها عمرو خالد، وحلّ بدوره ضيفاً على الحلقة. أما
برنامج «الحياة اليوم» لشريف عامر ودينا سالم وخلود النمر ولبنى عسل، فلم
ينطلق حتى الآن. ويحمل شعاره «الحياة حلوة بس نفهمها» دليلاً على أن
مذيعيه، رضخوا لوثيقة تنظيم البث، ما يعني أنهم لن يخوضوا بدورهم غمار
السياسة.
وإذا كانت «الحياة» قررت الابتعاد عن السياسة، حرصاً على
استمراريتها، فإن قنوات أخرى تميزت ببرامجها الاجتماعية والسياسية الساخنة
قد بدأت تعيد حساباتها، وتخفف من حدة طرحها للقضايا الشائكة. هكذا مثلاً،
ومع تزامن انضمام منى شكر وريهام السهلي إلى معتز الدمرداش في برنامج
«تسعين دقيقة» على «المحور»، خفت «شجاعة» البرنامج الذي حقق خبطات ساخنة
في 2007، حتى لو نفى صنّاعه ذلك. ويكفي القول إن عمرو واكد وأحمد الفيشاوي
ـــ بعيداً من تأثيرهما الفني ـــ حلا ضيفين متتاليين على معتز الدمرداش،
في حلقتين ناقشت إحداهما كيفية تخفيف الوزن بشكل سليم. علماً بأن ذلك
اليوم شهد صدور أحكام القضاء العسكري على قيادات الإخوان المسلمين، وبراءة
النائب هاني سرور في قضية أكياس الدم الملوثة. لكن، بعد صدور الوثيقة، لم
يعد لهذه الأحداث مكاناً في البرنامج سوى في فقرة التقارير الإخبارية
السريعة. هذا ما حدث أيضاً في برنامج «البيت بيتك» الحكومي، و«العاشرة
مساءً» (على «دريم») الذي قدم تقريراً وافياً عن محاكمات الإخوان، لكنه
سرعان ما انتقل للحديث أزمة مصنع أجنبي ملوث للبيئة في دمياط.
وجاءت
قرارات نقابة الممثلين المصريين، القاضية بطرد النجوم العرب من القاهرة،
لترسّخ صورة اهتمام القنوات المصرية بالمواضيع غير السياسية. وهكذا، أصبح
النقيب أشرف زكي نجم الشاشة بلا منازع. إذ ظهر في «البيت بيتك» ثم
«العاشرة مساءً»، و»تسعين دقيقة» للحديث في كل شيء سوى السياسة. وإذا
بوجوه محددة تصبح متاحة للجمهور، فيما تبتعد الكاميرات عن أسماء أخرى،
لامست الخطوط الحمر. وإلا لماذا لم يظهر جورج إسحق، المنسق العام السابق
لحركة «كفاية» على شاشات التلفزيون، على رغم اعتقاله لثلاثة أيام؟ ولم
تتحول إسراء عبد الفتاح إلى بطلة تلفزيونية حتى بعد اختفائها على يد رجال
الأمن، على رغم صدور قرار الإفراج عنها، وهي كانت صاحبة الدعوة الأولى
لإضراب 6 نيسان (أبريل) على FACEBOOK.
هذا ليس كل شيء، فقد جاء إعلان
منى الشاذلي عن أخذ برنامجها «العاشرة مساء» أسبوع إجازة، بخلاف التوقيت
المعتاد لذلك، وهو شهر آب (أغسطس)، ليؤكد أن كل البرامج التي استهدفتها
الوثيقة تحتاج إلى إعادة تقييم وبحث عن مخرج.
في الوقت نفسه، تراجعت
فضائية «الساعة»، بشكل نهائي، عن تقديم برنامج «ساعة بساعة». وكان الإعلان
عن موافقة مي الشربيني على العودة إلى التلفزيون المصري والظهور عبر
«النيل للمنوعات» بمثابة تأكيد على فشل «الساعة» في تمرير البرنامج، لتصبح
الشربيني وزميلها خيري رمضان أبرز الخاسرين من الوثيقة، وخصوصاً أن عودة
شربيني إلى «المحور»، وخيري إلى «أوربت» باتت مستحيلة.
«تباشير» وثيقة تنظيم البث الفضائي بدأت تهلّ في مصر... فمتى تنتقل العدوى إلى بقية الدول العربية؟